خمس وظائف سيهيمن عليها الذكاء الاصطناعي بحلول 2026

العدّ التنازلي صار واقعًا.

الكلام عن استبدال وظائف البشر لم يعد “توقعات مستقبلية”.

الأرقام تجرّنا للواقع بسرعة: تقارير من غولدمان ساكس تتحدث عن احتمال تأثير الذكاء الاصطناعي على ما يصل إلى 300 مليون وظيفة عالميًا، وفي عام 2025 وحده تم إلغاء أكثر من 76,440 وظيفة بفعل أدوات الذكاء الاصطناعي.

الإشارة هنا ليست للتخويف، بل للتنبيه: ما بين يديك يتغيّر الآن، لا بعد سنوات.

خمس وظائف سيسيطر عليها الذكاء الاصطناعي عمليًا بحلول 2026

1) القانون والامتثال

كان المحامي يتقاضى 500$ في الساعة لمراجعة عقد طويل ومعقّد. اليوم منصات مثل Harvey وDoNotPay تقرأ آلاف العقود خلال دقائق، وتُبرز المخاطر والبنود الملتبسة بدقة تصل إلى 99.7%.
مثال حي: شركة Linklaters تستخدم الذكاء الاصطناعي لمراجعة العقود التجارية في دقائق بدل ساعات، بتكلفة اشتراك برنامج لا تُقارن بعشرات الآلاف التي كانت تُدفع سابقًا.
المناصب المتأثرة مباشرة: مراجِعو العقود، الباحثون القانونيون، مسؤولو الامتثال، محللو المستندات، الأمناء القانونيون.
نصيحة عملية: خصّص وقتًا يوميًا لتدريب نموذج قانوني على نمط عقودك المتكررة (قوالب الإيجار، عقود التوريد). ابدأ بقوائم تحقق ذكية: نطاق العقد، الالتزامات، البنود الجزائية، شروط التحكيم. كل مراجعة بشرية لاحقة تصبح أسرع وأدق.

2) المحاسبة والمالية

لو كانت مهمتك تدور حول الجداول، التسويات، والتقارير الدورية.. الساعة تدقّ.

أدوات مثل MindBridge وAppZen تكشف الاحتيال، تعالج الفواتير، وتبني تقارير مالية بلا توقف.
مثال قوي: نظام COIN من JPMorgan ينجز في ثوانٍ ما كان يتطلب 360 ألف ساعة عمل سنويًا (أي ما يعادل 180 موظفًا بدوام كامل).
الأدوار الأكثر عرضة: حسابات الدائنين والمدينين، إعداد الضرائب، التدقيق، التنبؤ بالميزانية، إدارة المصروفات.
نصيحة عملية: ابدأ بأتمتة “العمليات المضمونة” أولًا: مطابقة الفواتير، استخراج بنود المصروفات، تتبّع الضرائب. ثم أضف طبقة تنبؤية بسيطة للتدفقات النقدية بناءً على بياناتك التاريخية.

3) إداريّو الرعاية الصحية

الأطباء والممرضون أقل تأثرًا الآن؛ الإداريون في المواجهة المباشرة. الترميز الطبي، مطالبات التأمين، جدولة المواعيد، وإدخال البيانات تنتقل تدريجيًا لأنظمة ذكية.
مثال واضح: Anthem تعالج أكثر من 200 مليون مطالبة سنويًا باستخدام الذكاء الاصطناعي، بزمن معالجة يقفز من أسابيع إلى دقائق.
وظائف على خط الخطر: مبرمجو/مُرمّزو الفواتير الطبية، معالجو المطالبات، أخصائيو التسجيل، فنيو السجلات، منسقو الموافقات المسبقة، إدخال البيانات.
نصيحة عملية: ابنِ “لوحات متابعة” حيّة تشمل: نسب رفض المطالبات، أسباب الرفض الشائعة، زمن المعالجة المتوسط. الذكاء الاصطناعي يتكفّل بالتكرار؛ ودورك ينتقل إلى تحسين الجودة وسير العمل.

4) دعم العملاء ومراكز الاتصال

واجهة التأثير الأولى. روبوتات الدردشة والمساعدون الصوتيون صاروا يتعاملون مع نحو 80% من الاستفسارات الروتينية.
مثال قوي: Erica في Bank of America تتعامل مع أكثر من مليار تفاعل سنويًا—حجم عملٍ كان يتطلب آلاف الموظفين.
وظائف تحت الضغط: ممثلو الدعم الهاتفي، مشغلو الدردشة، الدعم الفني، المنسقون، مشرفو المراكز.
نصيحة عملية: أعدّ “بنك معرفة” داخلي منظّم (سياسات، أسئلة شائعة، سيناريوهات حلول). اربطه بمساعد ذكي يرد أولًا، ثم يدفع الحالات المعقدة للبشر. دورك يتحوّل إلى إدارة الخبرة، لا الرد على نفس السؤال ألف مرة.

5) إدارة المحتوى والبيانات الروتينية

الكتابة والتحليل لم تعد حكرًا على البشر. نماذج مثل GPT-4/5 وClaude تنتج مقالات، تقارير، وملخصات بسرعة وتكلفة منخفضة.
مثال ثابت: أسوشيتد برس تستخدم الذكاء الاصطناعي لكتابة آلاف تقارير الأرباح والملخصات الرياضية سنويًا.
وظائف مهددة: كتّاب المحتوى الروتيني، إدخال البيانات، مدراء السوشيال المبدّلين للمنشورات فقط، محللو بحوث السوق التقليديون، المساعدون الإداريون، المترجمون العامّون، ومصممو الجرافيك الأساسيون.
نصيحة عملية: ارفع سقفك من “إنتاج المحتوى” إلى “إدارة الإستراتيجية”: تحديد الجمهور، هدف القطعة، الزاوية، المقياس المتوقع. دع الأداة تصوغ المسودات، وركّز أنت على التحرير المتخصص، الصوت البرندي، والتحقق من الحقائق.

أمامك خياران لا ثالث لهما تقريبًا

التكيّف والتطوّر:
تعلّم الأدوات التي سترافقك يوميًا، وادّخر وقتك للمهارات التي يصعب استنساخها: الفهم السياقي، الذكاء العاطفي، حل المشكلات المركّبة، الحكم المهني، الإبداع الحقيقي.
التمسّك بالمألوف:
الاستمرار في مهام روتينية تتقنها الآلة الآن بشكل أسرع وأرخص. القرار يبدو مريحًا اليوم، لكنه مكلف غدًا.

كيف تبدأ اليوم؟ خطوات قصيرة وسريعة

• اختر مهمتين متكررتين وأتمتهما هذا الأسبوع (للمحاسبة: مطابقة فواتير، للقانون: تدقيق بندي المخاطر والالتزامات، للدعم: قاعدة معرفة + ردود أوتوماتيكية).

• صمّم “دورة تحسين” من أربع نقاط: (قياس → تحسين القالب/البرومبت → اختبار → توثيق). كرّرها كل أسبوع.

• وسّع نطاق دورك تجاه “التنسيق والقرار” بدل “التنفيذ اليدوي”: دع الآلة تعمل، وأنت راقب الجودة واتخذ القرار.

الشركات لا تتحرك بدافع الشر، بل وفق منطق الكفاءة.

هذا المنطق لا يرسل تعازي للعاطلين، لكنه يكافئ من يلتقط التغيير قبل أن يلتقطه غيره.

التغيير قادم.. ويمكن أن يكون بداية جديدة لمن يحوّله إلى مكسب.